لم يمر على لبنان ، حتى في ذروة جولات الحرب الاهلية ، هذا الكم من التطرف في القول و الممارسة .
فتجد اليوم عبارات مخجلة من نوع “لسنا منهم ” او “لا يشبوهننا ” ، ما يعني اختذال للهوية الوطنية و الغاء حق الاختلاف لصالح فكر مدمر لابسط المفاهيم الوطنية ، فحتى اكثر المجتمعات المختلفة لا تختزن هذا الكم من الحقد و الكراهية .
يكاد المرء ، يشك بانه لبنان الذي طالما شكل علامة فارقة ، في السياسة كما في الاقتصاد ، في العلم و الثقافة و الفنون ، في الإعلام و الحداثة و التطور ، هذا ليس لبنان او غريب عنه ما يحدث الآن من توحش في كل ما تحمل الكلمة من معنى .
من يتابع انفجار الحرب اللبنانية ،في العام 1975، يدرك امرين الأول استهداف فكرة لبنان كواحة حرية و ديمقراطية وسط محيط كم من انظمة القمع و الاستبداد ، و الثاني و ربما الاهم بروز نزعات لاصلاح النظام السياسي ، و تحديث الفكر السياسي و الاجتماعي ، و مرد ذلك الى توافر حيوية للنخب الثقاقية و الاجتماعية ، و هذا ما شكل طبقة وسطى و حيوية نادرة تبعث على الامل ببناء مستقبل افضل .
اما اليوم ، اضمحلال لابسط القيم الوطنية و غياب كامل لمفردات الوحدة بل هجوم الجماعات على بعضها البعض في ظل مشاعر كراهية لا مثيل لها ، الشعب اللبناني اشبه بالقطيع ينساق خلف حكامه ، انها الاستباحةلفكرة لبنان – الوطن التي قامت على نهضة حقيقية في شتى المجالات .
لبنان , ما عاد مساحة جمال و فرادة هوية انسانية ،بل اصبح بؤرة بؤس و تخلف ، و هذه الحقيقة ينبغي للاعتراف بها و التعامل مع الأمر الواقع .
سامح الله ، الاخوين رحباني الذين نسجوا لنا وطنا من خيال ، احببناه حد الادمان فاصبحنا اسرى الفكرة الجميلة الساحرة باننا وطن النجوم و الفردوس على الأرض ، حلم سيرافقنا حتى الممات